عندما تتخطّى الغيرة المعقول وتحكم على العلاقة الزّوجيّة بسجن يقتل الحبّ، تصبح الأخيرة مرَضيّة بخاصّة عندما تكون نابعة من الرّجل نفسه بسبب عقدة نقص تدغدغ باطنه وتجعله يفقد ثقته بنفسه، فتقف الزّوجة هنا حائرة في كيفيّة التّعامل مع زوجها الغيّور.
لذا، عزيزتي القارئة، إن كنتِ امرأة يغار عليها زوجها كثيرًا لدرجة الهوس، ويسيطر عليها وعلى تحرّكاتها فلا يسمح لكِ بالخروج وحيدة من المنزل على سبيل المثال، اعلمي أنّ زوجكِ يعاني من غيرة مرضيّة تسيطر على أحاسيسه وأفكاره وتمنعه من التّفكير بطريقة سليمة ومنطقيّة. هو يعاني من غيرة تتحكّم بتصرّفاته فيغضب ويثور على أكثر الأمور بساطة، كحقّكِ مثلاً في الخروج مع صديقاتكِ لاحتساء القهوة أو تناول الطّعام خارجًا.
في الواقع، إنّ هذه الغيرة تجعل زوجكِ يشعر بتهديد مستمرّ من الرّجال الآخرين، فيفقد ثقته بالجميع حتّى بكِ بالرّغم من حبّكِ له، إذ يخاف من خيانتكِ له حتّى لو أنّ هذا الأمر غير وارد في قاموسكِ. إذًا المشكلة هنا تكمن في نفسيّة الزّوج الّذي يعيش هاجس خيانتكِ له، فيتحوّل إلى كائن مسيطر وعدائيّ، ويشعر بأنّه يمتلككِ وأنّ من حقّه التّحكّم بتصرّفاتكِ.
ويشير علم النّفس إلى أنّ أهمّ سبب وراء هذه الغيرة هو باطنيّ يختبئ في لا وعي الزّوج ويولّد لديه الشّعور بعقدة نقص مقارنة مع سائر الرّجال، فيفقد ثقته بنفسه، ولا يُحسن تقدير ذاته ولا حتّى صفاته الّتي جذبت امرأته إليه بالأساس. بالتّالي يخاف الرّجل من ألّا تراه زوجته مثيرًا للاهتمام بما فيه الكفاية، ومن أن تجد ملاذها في رجل آخر، لذلك يشتعل غضبًا وغيرة خوفًا من أن يخسرها.
ولكن أيّها الزّوج الغيور، هل تعتقد أنّ التّحكّم بتصرّفات زوجتكِ يساعدكَ في التّخلّص من الشّعور بالدّونيّة؟ إعلم أنّ ذلك لا يساعد أبدًا! فما الّذي يساعدكَ حقًّا؟
إنّ ما يساعدكَ أيّها الزّوج على التّخلّص من غيرتكَ هذه، هو بحثكَ عن جذور هذه المشكلة حتّى تتمكّن من تطوير نفسكَ وتقدير ذاتكَ، وعدم إمضاء كلّ حياتكَ قلقًا وخائفًا ومدمنًا على مراقبة زوجتك والبحث عن أدلّة تطمئنكَ.
ولكن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه من دون مساعدة الزّوجة لشريك حياتها، فتَدَخٌّلها يساعده على التّعامل مع غيرته، والمطلوب منها:
– إبقاء التّواصل
– السّماح للرّجل بالحديث عن غيرته والتّعبير عن مخاوفه
– الإستعلام عن مخاوفه وأوهامه، علمًا أنّها من الممكن أن تكون متجذّرة بعلاقات سابقة عانى فيها من الخيانة والشّكّ
– التّفكير ما إذا كانت تساهم في تفعيل هذه الغيرة وزيادتها من خلال تصرّفات معيّنة
ولكن حذارِ أيّتها الزّوجة من إبقاء زوجكِ في دوّامة الشّكّ، فتغيير تصرّفاتكِ دائمًا من أجله بغية زرع الطّمأنينة في نفسه ليس محبّذًا فذلك لا يحلّ المشكلة ولا يحسّن من أسلوبه.
وبموازاة ذلك، لا بدّ للزّوج الغيور أن يحصّن نفسه ضدّ غيرته، فيعمل على:
– استعادة ثقته بنفسه.
– تضميد جراحاته الماضي.
– عدم تعيير زوجته بالنّساء الخائنات اللّواتي عرفهنّ سابقًا.
– تقدير ذاته ومعرفة أنّ زوجته تقدّره وتحبّه كما هو فلا داعي إذًا أن يتحكّم بها كي تبقى معه.
في الختام، تذكّروا أنّ الفرق بين الحبّ والغيرة كبير جدًّا، فالحبّ الكبير يولّد الغيرة والغيرة الشّديدة تقتل الحبّ، وأنّ قليلها جميل أمّا كثيرها فيقتل!