لكلّ مرحلة رونقها وحلاوتها، فبعد الزّواج يدخل “إنجاب طفل” إلى دائرة اهتمام الثّنانيّ، ومع ولادته، بخاصّة مع استقبال المولود الأوّل، يحدث التّغيير الجذريّ، فالثّنائيّ يصبح “عائلة”! وها هي الأنظار موجّهة نحو هذا الفرد الجديد الّذي منذ اللّحظة الأولى يملأ المنزل بالبكاء ليعبّر عن مختلف احتياجاته في الأشهر الأولى، ثمّ بأصوات وصرخات وضحكات… تتحوّل شيئًا فشيئًا إلى ذكريات دافئة للعائلة.
ولكن مع ولادة الطّفل الأوّل يصبح كلّ شيء مُتعلقًا بوتيرة المولود. فيختبر الزّوجان سعادة عارمة حينًا، بخاصّة عند النّظر إلى ثمرة حبّهما أو حمله بين ذراعيهما فيزول في تلك اللّحظات كلّ تعب ويدرك الوالدان أنّ الأمر يستحقّ العناء؛ وحينًا آخر تسبّب هذه الفرحة الجديدة صدامًا بينهما فيتشابكان بسبب التّعب الجسديّ والنّفسيّ على السّواء وقلّة النّوم والتّنظيم، ويدخلان في توتّر وسوء فهم نتيجة تغيّر نمط حياتهما.
وأمام هذا الوضع المستجدّ، لا بدّ للثّنائيّ أن يعود إلى توازنه الطّبيعيّ مع توقّع واستباق الصّعوبات والتّحضير إذًا للتغيّرات، وبالتّالي إعادة تقاسم الأدوار وتنظيم الحياة، بخاصّة عندما تشعر الزّوجة أنّ كلّ المسؤوليّات باتت تقع على عاتقها، كالاعتناء بالمولود، إطعامه، تدفئته، والاهتمامم بحمّامه…
هذا التّغيير يصبح طارئًا سواء للأمّ أو للأب، لذا أيّها الوالدان الجديدان إليكما المفاتيح لإعادة التّوازن إلى حياتكما:
– إعطاء الأمّ فرصة للرّاحة
– الإهتمام بالشّريك
– إعادة إحياء الأجواء الرّومانسيّة والحميميّة، فليس خطأ أن تعهدا بطفليكما إلى الجدّين أو المربّية والخروج لتمضية القليل من الوقت مع بعضكما البعض
– الحوار
– المحافظة على الحياة الجنسيّة
وتذكّرا دومًا ألّا تلقيا اللّوم على بعضكما البعض عندما يطرق التّعب باب أحدكما، وألّا يكون مصدرًا لإفراغ غضبكما أو توتّركما، بخاصّة أنّ هذا التّوتّر غالبًا ما ينتج عن شعور أحد الوالدين بالخوف من عدم القدرة على التّعامل مع المولود بشكل جيّد أو بالخوف من تخييب أمل الشّريك.
كما أنّ هذا الخلل يمكن أن يطرأ بسبب شعور الأب بأنّ زوجته تعتني بطفلها أكثر من عنايتها به، فيولد لديه إحساس بأنّه مهمل ومتروك، فيغوص في كآبة مُتعبة. ولكن أيّها الأب، عليك أن تتقبّل هذا الاندماج بين الأمّ وطفلها بخاصّة خلال الأشهر الأربعة الأولى من حياته، فهذا مهمّ جدًّا من أجل صحة طفلك النفسية وإحساسه بالأمان.
بإختصار، أمام هذا التّحوّل الكبير في حياتكما، كونا جاهزين للتّغييرات المفاجئة والّتي لا مفرّ منها، واعلما أنّ مولودكما الجديد هو كائن حيّ له أحاسيس وحاجات ومتطلّبات، وأحيانًا لا يمكن استباقها.
وفي الختام، أيها الآباء والأمّهات، إعلموا أنّ ليس هناك “أمًّا مثاليّة” أو “أبًا مثاليًّا”. كما أنّه ليس هناك أدوار مُنزلة فَـتَضامن الأب والأمّ ودعمُهما لبعضهما البعض وتشاركهما في تحمّل مسؤوليّة الطّفل كفيل بجعل هذه المرحلة الانتقاليّة أقلّ توتّرًا.