هي العمر الفاصل بين الطّفولة والبلوغ، هي المرحلة الّتي يقترب فيها الفرد من النّضوج الجسمانيّ والعقليّ والاجتماعيّ والنّفسيّ. إنّها المراهقة الّتي يبني فيها المراهق أحلامه، ويختبر فيها أحاسيسه بشكل أوسع، وييدأ بتكوين هويّته، وينظر إلى المستقبل باستقلاليّة أكبر.
هذه المرحلة بقدر ما هي جميلة، بقدر ما تحمل للمراهقين الكثير من المشاكل، إذ غالبًا ما تصاحبها صدامات مع الوالدين، فيصطدم التّواصل فيما بينهم بالعديد من العقبات. على سبيل المثال، يجد الأهل أنفسهم في مواقف صعبة عندما يتحدّى المراهقون سلطتهم ويختبرون حدودهم. فيبدو بعضهم غير قادرين على فهم جرأة أولادهم المراهقين على تحدّيهم، فيأخذون الأمر بطريقة شخصيّة للغاية، ويضحون عداونيّين وأكثر تحدّيًا لسلوك أولادهم المعارض، ولا يتقبّلونه فيسعون إلى تصويب السّلوك من خلال التّأديب القاسي. أمّا بعضهم الآخر فيُجرحون من هذا التّصرّف ويردّون بالانسحاب من دون أن يحاولوا فهم سبب سلوك أولادهم هذا.
في الواقع، إنّ سلوك المراهقين هو جزء من أزمة هويّة يمرون بها. فمحاولة المراهقين لتحدّي السّلطة واختبار الحدود هي سبيلهم لاختبار هويّتهم كأفراد مستقلّين، فهم لم يكَوّنوا بعد هويّتهم الكاملة والمستقرّة. ونتيجة لذلك تسحق التّربية الاستبداديّة القاسية محاولاتهم في بناء هويّتهم الّتي قد تثير المزيد من التّمرّد والسّلوك الشّديد الخطورة.
وردًّا على تمرّد المراهقين، يُذعر الآباء أحيانًا خوفًا من أن يكرههم أطفالهم. هذا وأجد في عالمنا المعاصر، أنّ الآباء يسعون باستمرار إلى كسب حبّ مراهقيهم لدرجة أنّهم مستعدّون لإعطاء الكثير مقابل هذا الحبّ، حتّى لإعطاء كلّ شيء أحيانًا. كما أجد أنّ التّساهل هو أمر شائع ولكن يجب على الأهل تجنّبه، إذ ينظر إليه المراهقون على أنّه إهمال، ويعلّلون ذلك كالتّالي: “إنّ والدي يعطيانني كلّ شيء حتّى لا أتسبّب لهم بأيّ مشاكل”.
في الحقيقة، يُعدّ هذا الأمر خطيرًا لأنّ المراهقين لا يحتاجون أن يعطيهم أهلهم كلّ شيء، فهذا يبقيهم محاصرين في حالة من التّبعيّة وعدم المسؤوليّة.
من هنا، نصيحة إلى الأهل: لا داعي للهلع! ولا تتخلّوا أيضًا عن سلطتكم فذلك لا يجوز! ولا تتحوّلوا إلى أصدقاء لأولادكم المراهقين لأنّ هذه الصّداقة ليست مفيدة إذ أنّ الصّديق لا يحقّ له أن يضع حدودًا لصديقه، ولا أن يطلب منه إتمام واجباته ومسؤوليّاته. إعلموا أنّ المراهق لا يأخذ الوالدين الصّديقين على محمل الجدّ. بل على العكس، المراهقون بحاجة إلى نوع من الحدود والهيكليّة لتوجيه تجاربهم وعمليّة نضجهم من دون تعريض أنفسهم للخطر.
أدركوا أنّ الإفراط في الحماية ليس مفيدًا لأنّه لا يشجّع المراهق على اتّخاذ خيارات خاصّة به ولا أن يقرّر ما هو الأفضل له. فالآباء الّذين يفرطون في حماية أولادهم يبقونهم بذلك محاصرين في مرحلة الطّفولة ولا يساعدونهم على الانتقال إلى مرحلة البلوغ.
بالتّالي فإنّ وضع الحدود والمحظورات المعقولة يعلّم المراهقين كيفيّة التّفاوض مع السّلطة والنّضج حتّى مرحلة البلوغ، علمًا أنّ هناك بعض المسؤوليّات المطلوبة من جانبهم.
بإختصار، إنّ السّلطة الأبويّة مطلوبة ولكن بطريقة معتدلة ومعقولة. لذا، إن كنتم أمّهات وآباء لمراهقين، حاولوا تطبيق النّصائح التّالية:
– تقديم الدعم والإصغاء للصّعوبات التي يمر بها المراهق
– توجيه الأهل عواطفهم تجاه المراهق وفهم التخبُّطات النفسية الّتي يواجهها هما ضرورة
– وضع ضوابط معينة وشرح أهميتها
– التّربية الأبويّة المتساهلة ينظر إليها المراهق على أنّها إهمال
– الحماية المفرطة ليست مفيدة لأنّها لا تشجّع المراهق على الإستقلالية
– إتباع التوازن ما بين الحزم والحنان
– حاجة الأهل إلى فصل أنفسهم عن أولادهم المراهقين ومحاولة عدم حلّ مشاكلهم وفق الطّرق الّتي يريدونها كأهل
– تشجيع المراهقين على التّفكير بشكل نقديّ في الخيارات المتاحة لهم
– احترام الأولاد المراهقين وإشراكهم في أخذ القرارات