تتطلّب تربية الأطفال نَفَسًا طويلاً وعميقًا من قبل الأهل، ودِراية كبيرة وكافية بما هو مسموح وما هو ممنوع لتجنيب الوالدين والأولاد على السّواء مشاكل تؤثّر على استقرار العائلة، وتُهدّد بالأخصّ صحّة الطّفل النّفسيّة الّتي إن تزعزعت في الصّغر تنعكس سلبًا عليه في الكِبر.
تتطلّب تربية الأطفال نَفَسًا طويلاً وعميقًا من قبل الأهل، ودِراية كبيرة وكافية بما هو مسموح وما هو ممنوع لتجنيب الوالدين والأولاد على السّواء مشاكل تؤثّر على استقرار العائلة، وتُهدّد بالأخصّ صحّة الطّفل النّفسيّة الّتي إن تزعزعت في الصّغر تنعكس سلبًا عليه في الكِبر.
لذا من المهمّ جدًّا أن يدرك الأهل أنّ في كلّ عائلة، هناك ثلاثة مستويات بشريّة أساسيّة عليهم احترامها وعدم الخلط بينها لحماية أطفالهم: مستوى البالغين، مستوى الوالدين، ومستوى الأطفال.
مستوى الثنائي
وهو كل ما يتعلق بحياة الثنائي أي علاقة الزوج والزوجة مع بعضهم، أحاديثهم الخاصة، صداقاتهم، مواعيدهم الخاصة، أعمالهم، خلافاتهم، همومهم اليومية وغيرها. لا يجدر على الثنائي ان يُدخّلوا اولادهم في هذا المستوى، خصوصاُ في حال وجود خلافات أو شجارات بين الثنائي، هذه الأمور لا تخص أبداً أولادكم. عند إدخال الولد في مستوى الثنائي يصبح من الصعب أن يتّبع قواعد وضوابط الأهل. أي حين يتدخل الولد في مشاكل واسرار الثنائي يشعر أنّهم أصدقاءه وليس أهله.
مستوى الوالدين:
هذا المستوى يتضمن علاقة الأهل بالأولاد وكل ما يخص شؤون الأولاد والتربية. من المهم أن يعرف الأهل دورهم بتوجيه اولادهم بالإضافة إلى مدى تأثر اولادهم بكل ما يظهرونه من أحاسيس ومشاعر في ما يخص التربية والأولاد والحياة العائلية. انتبهوا من أن تُظهروا قلقكم المُفرط تجاه مشاكل تخُصّهم لأنكم حينها تُلبِسونهم المشكلة أو التسمية المعينة فيكون من الصعب عليهم تغييرها. في هذا المستوى على الأهل أيضًا الإمتناع عن تحميل اولادهم همومهم المادية أو غيرها من مشاكل عائلية لأنها تزيد من توتر الأولاد وقلقهم فيعيشون حالة نفسية هم بِغِنى عنها.
مستوى الأولاد:
هو عالم الأولاد وكل علاقات الأولاد فيما بينهم (مع أخواتهم، أصدقائهم وأقاربهم الذين من عمرهم). في هذا المستوى يعيش الولد طفولته باللعب والمرح والنشاطات المناسبة لعمره. يتعلم من خلالها كيفية حل المشاكل، تقبل الخسارة، انشأ صداقات جديدة مع أولاد من عمره، الدفاع عن نفسه، مشاركة الألعاب مع الأخرين، الاستماع لهم، انتظار دوره ، التعاون سوياً ، الصبر والتعاطف مع الأولاد الأخرين… لذا من المهم أن يقضي الطفل وقتًا مع أقرانه لتنمية كل مهاراته الاجتماعية بدلاً من البقاء في عالم الكبار والاستماع إلى مشاكلهم أو محادثاتهم أو الأخبار السياسية التي تؤثر عليهم سلباً.
لذا، احذروا أيّها الأهل من معاملة طفلكم على أنّه صديقكم المفضّل، فعندما تسلّمونه أسراركم فأنتم تجعلونه مسؤولاً بطريقة أو بأخرى عن سلامتكم العاطفيّة، فتضحي سعادتكم شغله الشّاغل! وفي هذه الحالة يرتقي الطّفل إلى مستوى البالغين/ الوالدين، الأمر الّذي يجعل عمليّة وضع الحدود أصعب.
اعلموا إذًا أنّ المسؤوليّة الّتي يجب أن يتحمّلها الطّفل مُفصّلة وفقًا لِسِنّه، وبالتّالي إنّ رعاية والديه وسعادتهما ليستا من ضمن مهامه، فذلك يسبّب له عبئا ثقيلاً، فضلاً عن أنّه يُعدّ انتهاك لعنصر الحماية في تربية الأطفال. فإذا كنتم تشعرون بالغضب أو الضّغط أو التّعب بسبب العمل أو بسبب مشاكل البالغين، سيشعر عندها الولد بالذّنب والمسؤوليّة تجاه شعوركم هذا.
لذلك من المهمّ جدًّا أن يهتمّ الأهل بأنفسهم كبالغين ويكرّسوا وقت فراغ من أجل التّرفيه عن الذّات بعيدًا عن الأولاد، وإلّا فليدركوا أنّه بإمضائهم كلّ أوقاتهم مع أطفالهم فهم يسلبونهم حقّهم في عيش فرح وبراءة الطفولة، وحقّهم في أن يكونوا أطفالاً مهما حدث في حياة والديهم.
إذّا، أيّها الأهل لا تتردّدوا في إرساء نظام صحّيّ في عمليّة تربية أطفالكم، عالمين أنّ ما تزرعونه اليوم في نفوسهم وقلوبهم وعقولهم يلعب دورًا أساسيًّا في رسم مستقبلهم من ألفه إلى يائه، فكونوا لهم اليد الّتي تبنيهم وتدفعهم على سلّم الحياة بتوازن وحبّ وأمان.
النقاط المهمة التي يجب تذكرها في تربية الأطفال
انتبهوا ألا تدخل هذه المستويات الثلاث فيما بينها، لأنها تؤثر سلبا بصحة الأولاد النفسية – اعلموا أنّه عندما يصبح الطّفل مسؤولاً عن سعادة والديه، لا تتاح أمامه الفرصة لعيش طفولته بشكل كامل
– أطفالكم ليسوا امتدادًا لسلامتكم النفسية
– عليكم كأهل تعلّم كيفيّة التّمتّع بشكل مستقلّ عن أطفالكم لكي تتمكّنوا من وضع الحدود وتربية أطفال سعداء وبصحّة جيّدة، فالآباء الّذين لا يفعلون ذلك يحمّلون أطفالهم عبءًا ثقيلًا، ويخلقون مشاكل في عمليّة وضع الحدود.